الحوت الظالم والسمكة الذكية
كان ياما كان في قديم الزمان كان هناك حوت ضخم يتغدي علي الاسماك الصغيرة بجميع انواعها، وكان يلتهم كل ما يقابله من اسماك ولا يفرق بين أحد، وعلي الرغم من أنه من الطبيعي أن يتغدي الحوت علي الاسماك، فهذة الطبيعة التي خلقها الله عز وجل به، ولكن هذا الحوت لا يلتهم ويقتل الاسماك متعمداً حتي لو كان غير جائع، لأنه كان يكره الاسماك ويحقد عليهم كثيراً، ويشعر بسعادة بالغة كلما قتل المزيد والمزيد من الاسماك المسكينة، وكانت جميع الاسماك تكرهه وتتمني ان يأتي اليوم وتتخلص منه ومن شره لأنه يأكل عائلتهم وصغارهم .
و ذات يوم جاءت سمكة صغيرة ذكية وجلست بالقرب من أذن الحوت وقالت له : السلام عليك أيها الحوت الضخم، رد الحوت : من أنت ؟ قالت السمكة : أنا سمكة صغيرة جداً ولكن لدي فكرة رائعة لك، قال الحوت في سخرية : وماهذه الفكرة قوليها علي الفور وإلا التهمتك، شعرت السمكة الصغيرة بالخوف الشديد ولكنها اصرت أن تمضي في خصتها، وقالت للحوت : أنك دائماً تأكل الاسماك، ألم تمل أبداً من ذلك وتريد أن تجرب طعماً جديداً، قال الحوت : وهل لديك طعام آخر لي ؟ قالت السمكة : هل جربت من قبل طعم الإنسان ؟ أنه لذيذ جداً وشهي، أحس الحوت برغبة شديدة في تجريب هذا الطعم، وأخذ يسأل السمكة في اهتمام : ولكن أين اجد هذا الانسان ؟ قالت السمكة : يمكنك الصعود علي سطح البحر وستجد قوارب كثيرة تحمل اناس كثيرين، افتح فمك الكبير وابتلع القارب بكل من فيه .
وكان هناك صياداً يدعي جاسم يعيش في قرية السعادة التي تقع بالقرب من شاطئ البحر، وخرج يومها للصيد وأخذ يبتعد ويبتعد للبحث عن المزيد من الاسماك، ولكنه وجد نفسه فجأة أمام الحوت الكبير الذي فتح فمه وابتلعه مع قاربه الصغير، وفي ثواني معدودة وجد جاسم نفسه مع قاربه في بطن الحوت، أخذ جاسم يفكر في طريقة للخروج فأخذ يضرب أحشاء الحوت بكل ما أوتي من قوية، فشعر الحوت بألم شديد في بطنه، فنادي : ماذا تفعل أيها الانسان ؟ قال جاسم : انني اتمرن، قال الحوت في غضب : توقف عن ذلك فأنت تؤلمني بشدة، قال جاسم : لن اتوقف إلا لو سمحت لي بالخروج، اشتد غضب الحوت وقال : لن ادعك تخرج عقاباً لك علي ضرباتك .
فقام جاسم بجمع بعض الاخشاب من قاربه الذي ابتلعه الحوت واشعل فيه النيران، فأحس الحوت بالالام شديدة جداً فنادي قائلاً : ماذا تفعل ايها الانسان ؟ قال جاسم : الجو بارد جداً واريد أن اتدفئ فاشعلت بعض الحطب، قال الحوت : اطفئها انك تحرقني، قال جاسم : لن اطفئها حتي تسمح لي بالخروج .
في هذة الاثناء كانت السمكة الصغيرة لا تزال تجلس عند اذن الحوت تراقب ما يحدث، فقالت السمكة للحوت : يبدو أن هذا الانسان غير عادي فلابد أن تسمح له بالخروج، فقرر الحوت ان يسمح لجاسم بالخروج بالفعل، وقال له : سافتح فمي وانت اخرج بسرعه، قال جاسم : لقد تحطم قاربي وعليك ان تضعني بالقرب من الشاطئ حتي لا اغرق، قال الحوت : هذة فرصتك الاخيرة إما ان تخرج وإلا لن اسمح لك بذلك أبداً، رد جاسم في ثقة : افعل ما تشاء وسوف استمر انا باشعال المزيد من الاخشاب، اشتد الالم علي الحوت حتي اصبح لا يطاق، فهمست السمكة الذكية في اذنه : الافضل ان تضع هذا الانسان علي الشاطي والا سيتسبب في قتلك، وبالفعل انطلق الحوت الي الشاطئ، حيث تجمع العديد من الصيادين يبحثون عن جاسم الذي تأخر كثيراً، وبينما هم كذلك رأوا الحوت الضخم يقترب منهم، فاطلقوا تجاهه الحراب والسهام من كل جانب، ولم تمض لحظات قليلة حتي كان الحوت جثة هامدة، وخرج جاسم سالماً وعمت الفرحة الشاطئ واعماق البحار بعد أن تخلصت الاسماك من الحوت الظالم، وهذة عاقبة الظلم والطمع
الرجوع الى المكتبة