التاجر وأبنه

يُحكي أنّه كان هناك تاجر له زوجة، وابنة كبيرة، وابن متوسّط العمر، وكان هذا التاجر فقير الحال في بداية حياته، لكنّه كوّن ثروته من عرق جبينه. خشيَ هذا التاجر أن يُضيّع ابنه الثروة بعد مماته، وذلك لكثرة حبّه للعب واللهو، فقرّر أن يُعلّم ابنه درساً ليُحافظ على هذه الثروة، فقال له: أي بني سأخرج أنا للعمل، ويجب عليك الخروج أنت للعمل أيضاً، فإن عدت في المساء ولم تنجز عملاً لن تستحق وجبة العشاء لهذه الليلة. عند عودة التاجر من عمله إلى بيته سأل ابنه: أي بني أعلمني ماذا أنجزت هذا اليوم؟ وماذا جنيت من عملك؟ فاخرج الابن مبلغاً من النقود (النقود التي أعطته إيّاها أمه سابقاً)، ووضعها أمام أبيه وقال له: هذا ما جنيته يا أبي، فطلب التاجر من ابنه أن يرمي النقود في البئر، فركض الولد ورمي كل ما يملك في البئر. نظراً لذكاء الأب تأكّد بأنّ هذه النقود ليست من عرق جبين ابنه، وأنّه حصل عليها من أمّه. في اليوم التالي طلب التاجر من زوجته أن تذهب لبيت أهلها لزيارتهم والمكوث عندهم بضعة أيّام، وطلب من الابن الخروج والعودة في المساء بنقود يجنيها من عمله، ففكّر الولد أن يأخذ مبلغاً من أخته، وفعلاً ذهب إليها وطلب منها مبلغاً من المال، فلم تُعارض الأخت طلب أخيها ولم تردّه فأعطته المبلغ المطلوب، وعند عودة الأب في المساء كرر نفس ذلك السؤال: أي بني أريني ماذا جنيت هذا اليوم من عملك؟ فأخرج الولد تلك النقود التي أخذها من أخته، ووضعها أمام أبيه وقال له: هذا ما جنيت يا أبي. فطلب الأب منه أن يرمي هذه النقود في البئر كسابقتها، فركض الولد وألقى بكل ما بحوزتة من نقود في البئر، فعلم الأب أنّ ابنه قد أخذ النقود من أخته فقرّر أن يرسلها هي الأخرى إلى أمّها، وفي صباح اليوم الثالث هدّد الأب ابنه بأنّه لن يسمح له بالمبيت داخل المنزل إذا لم يعد في المساء ببعض النقود، فخرج الابن من المنزل وبدأ يتجوّل في الأسواق حتى رأى محلّاً فيه بضاعة وُضعت أمام المحل، فسأل صاحب المحل عن عملٍ له، فاتّفق الطرفان على أن يُدخل البضاعة إلى المحل، وأن يقوم بترتيبها بشكلٍ جميل داخله مقابل مبلغٍ نقديّ. بدأ الولد بالعمل حتّى انتهى ممّا طلب منه صاحب المحل، وتقاضى أجره كاملاً، وعاد للبيت، وفي المساء جاء الأب وسأل ابنه: ماذا جنيت يا بني؟ فأخرج الولد ما تقاضاه من ذلك التاجر، ووضعه أمام أبيه، فطلب الأب من ابنه أن يرمي تلك النقود في البئر، فتردّد الابن كثيراً وبدأ بالبكاء، وقال لأبيه لكنّك لا تعلم يا أبي كم تعبت حتى حصلت على تلك النقود، وأنت الآن تطلب منّي أن أرميها في البئر، فضحك الأب، وقال لابنه: الآن أنا مطمئن على ثروتي

الرجوع الى المكتبة